طبيب يخصص يوما لعلاج مرضاه مجانا في ”قوصية أسيوط”


ذاع صيته بين أوساط أهالي القوصية، شمال أسيوط، طير الجميع أخباره بأنه طبيب ماهر، هادئ الطباع، تضبط ساعتك على موعد مجيئه، "محمود" السيرة، لا يرد محتاجا، يطبب مرضاه بسعر رمزي، خفيف الظل، دائم الابتسام وما يعجبك فيه أنه أهلاوي محب للكيان الكبير.
نعم هو من تنتظر اسمه ورسمه بالكلمات، محمود عبدالباسط العدوي، ذلك الطبيب الثلاثيني الذي حاز على حب ومحبة الجميع في نجوع وقرى القوصية التي تسارع نسوتها إليه بالخطوات، بحثا عن الأمل في استشارة أو تشخيص أو إجراء عملية ولادة طبيعية أو قيصرية، يفتح بابه بابتسامة تعلوها نظرة رضا وامتنان لما وصل إليه، ملوحا لمرضاه على سلالم باب عيادته:(ابقوا طمنوني لو فيه حاجة، تليفوني معاكم في أي وقت).
أصدقاء الأمس يتذكرون أيامه طالبا في ثانوية المنشأة الكبرى بالقوصية وهو الهادئ الذي لا يضيع وقتا كأقرانه في اللعب أو اللهو كعادة طلابنا هذه الأيام، بل كان يتخذ صحبة على شاكلته في مراجعة دروسه حتى موعد "ضرب الجرس"، إيذانا بانتهاء أوقات الراحة بين حصص اليوم.
تنبأ له صاحب هذه السطور بأنه سيصبح يوما ما يريد، طبيبا وممارسا ماهراً في فنون الطب منذ أن وقعت عيني عليه في سنواته الأولى بالمدرسة التي جاء إليها من التتالية تلك القرية التي كانت شاهدة على نشأته وسط أسرته التي كان يغادرها كل صباح إلى مدرسته محملا بالدعوات بأن يوفقه المولى (عز وجل) ويسدد خطاه وأن يرزقه التوفيق والفلاح، وها هو ذا لم يخيب ظن أسرته وشقيقه الأكبر في أن يكون طبيبا ملء السمع والبصر في قريته والقرى المجاورة بالقوصية الذي يتخذ من مركزها مكانا لعيادته، معالجا للفقراء، مصحوبا بدعوات الجميع بالستر والصحة وراحة البال، لا لشىء، إنما لدقته في التشخيص ومهارة وحنكة في غرفة عملياته التي شهد جميع مرضاه بأن "إيد مشرطه تتلف في حرير".
لم ينس محمود العدوي (وهذه شهرته) حق البسطاء في شوارع وقرى ونجوع القوصية، فراح يرمي بذرة الخير بأن خصص يوما من كل أسبوع (مجاناً) يداوي فيه المحتاجين، كصدقة على روح والده الذي تركه صغيرا وذهب للقاء ربه؛ إيمانا برسالة الطب في تخفيف آلام المرضى، يردد دائماً بأن (الناس للناس)، هذا ما وجدت عليه صديق الأمس ونموذج الغد في طبيب يسعى جاهدا أن يرضى الله عنه في اتمام رسالته قبل مرضاه.. وهكذا ندعو ونتمنى!