المستشار عبده غانم :ثورة يوليو قراءة في لحظة مفصلية من تاريخ مصر


في التاريخ لحظات لا تُنسى، يتوقف عندها الزمن لوهلة، ليشهد ميلاد عهدٍ جديد.
كانت ثورة 23 يوليو 1952 واحدة من تلك اللحظات، لا بوصفها فقط انتقالاً سياسياً من الملكية إلى الجمهورية، بل باعتبارها تحوّلًا شاملاً في مفهوم الدولة، والمواطنة، والسيادة.
جاءت الثورة استجابة حقيقية لمعاناة شعب أُثقل بكاهل الفساد، وطبقية أنهكت العدالة الاجتماعية، وتبعية سياسية أضعفت القرار الوطني.
فإذا كان الدستور، في جوهره، هو التعبير الأعلى عن الإرادة الشعبية، فإن ثورة يوليو كانت بمثابة "إعلان إرادة شعبي غير مكتوب"، أعاد صياغة علاقة الدولة بالمواطن.
أعادت الثورة الاعتبار للفلاح والعامل، ووضعت اللبنات الأولى لبناء دولة مؤسسات حديثة، قائمة على العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني.
وقد كانت النيابة الإدارية، كإحدى ركائز صون الشرعية ومكافحة الفساد الإداري، في صُلب هذا المشروع الوطني؛ إذ تأسست لاحقًا عام 1954، لترسي مبدأ المساءلة الإدارية، وتُرسّخ لقواعد النزاهة في الجهاز الإداري للدولة.
اليوم، وبعد أكثر من سبعين عامًا، تبقى ثورة يوليو ليست مجرد ذكرى نُحييها، بل مسؤولية نُجدد فهمنا لها؛ بأن تكون الدولة في خدمة المواطن، وأن يعلو القانون فوق الجميع، وأن تظل الكرامة الوطنية خطًا أحمر.
فالثورات لا تُقاس فقط بما أزالته، بل بما أسّسته...
وثورة يوليو، رغم ما لها وما عليها، كانت ولا تزال حجر الأساس للجمهورية المصرية الحديثة.
عبده غانم مستشار بالنيابة الإدارية